Quantcast
Channel: RSS الحوت السوري
Viewing all articles
Browse latest Browse all 6351

ثقافة حسونة

$
0
0
ظهرت منذ مطلع النصف الثاني للألف السادس ق.م في شمال بلاد الرافدين ثقافات جديدة تعاصرت وتداخلت في عشرات المواقع الأثرية المنتشرة هناك حيث لازالت الأمطار رغم قلتها كافية لممارسة الزراعة البعلية.
إن التفاوت في مستوى الدقة في التنقيب عن هذه المواقع ونشرها يجعل طبيعتها أكثر غموضاً لدرجة يصعب معها أحياناً إدراك العلاقة الحضارية أو الزمنية بينها لكن الصورة العامة تدل على أننا في النصف الثاني من الألف السادس ق. م، كما نشهد نوعاً من الموزاييك الحضاري تعاصرت فيه ثلاث ثقافات كبرى:
a-حلف في أقصى الشمال الرافدي.
b- حسونة في الوسط.
c- سامراء في القسم الجنوبي من جنوب بلاد الرافدين.
لقد أخذت ثقافة حسونة أسمها من موقع تل حسونة جنوب الموصل، ومن المحتمل أن تكون قد ظهرت على خلفية ثقافة أم الدباغية وتطورت عنها وانتشرت في مناطق جغرافية مشابهة تسمح بممارسة الزراعة البعلية، ورغم أن مواقعها المعروفة لاتتجاوز في عددها المواقع المنسوبة لعصر أم الدباغية لكن طبيعة آثار هذه المواقع تدل على اتساع في الاستيطان، وقد كشفت في حسونة ( 1c-1b ) وياريم تبه I الطبقات ( X-VII ) عن بيوت صغيرة مربعة أو مستطيلة مبنية من الطين وليس من اللبن أرضها مطلية بالملاط ثم أصبحت في السوية الخامسة في ياريم تبه I أقوى وأكثف تربطها الممرات وتدعمها العضائد وتألفت من عدة غرف منظمة التفت حول ساحة وخصصت للنوم أو للطبخ أو كمستودعات تشبه تلك التي وجدت في أم الدباغية .




لقد عاش السكان على زراعة القمح والشعير والذرة ودجنوا الغنم والماعز والخنزير كما اصطادوا الغزلان والأبقار الوحشية، ولكن أدواتهم الحجرية كانت فقيرة وقليلة صنعوها من الصوان والأوبسيديان والعظام، ولم يستخدموا الأواني الحجرية وإنما عرفوا الأواني الفخارية المنوعة التي حرقوها، ولأول مرة في أفران كبيرة مؤلفة من طابقين الأدنى موقد ويعلوه غرفة الأواني المحضرة للشي، وتعتبر هذه الأواني من أهم مايميز عصر حسونة وقد مرت ناعتها بمرحلتين:
الأولى: تسمى مرحلة حسونة القديمة ( Archaic ) فخارها خن وبسيط ظهر في الطبقات الأقدم مثل حسونة Ib) ) وياريم تبه ( IIIX ).
الثانية: فخارها أفضل صنعاً وأكثر زخرفة وتلويناً لكن لاوجود للأشكال الزخرفية الحيوانية أو النباتية وقد ظهرفيها الفارق في سوية ياريم تبه الخامسة(59-3) علماً بأنه أتت من السويات العليا في موقع حسونة نفسه ( السوية III ) أواني فخارية جميلة تعود إلى ثقافة سامراء اللاحقة مما يدل على تعاصر مرحلي بين الثقافتين، ومن الآثار الفنية لهذا العصر كانت الدمى النسائية الصغيرة التي ترتدي قبعة وملابس منوعة بعضها وجد في ياريم تبه(II) وهي تذكرنا بتماثيل تل الرماد الأقدم عهداً من سوريا، والأختام المسطحة الحجرية التي تحمل نواً هندسية ، ولقد عرف السكان صناعة النسيج ودلت عليه الثقالات الحجرية والطينية، وعملوا من الكتل الطينية أحجار المقاليع التي استخدموها في الصيد وحلت هذه الأحجار بالكامل بدل من رؤوس النبال التي اختفت الآن.
لقد انتشرت مجتمعات حسونة على مساحة واسعة امتدت من جبال سنجار في الغرب وحتى الزاب الأصغر شرقاً والزاب الأكبر جنوباً وبقيت ثقاتهم مستمرة حتى مطلع الألف الخامس ق.م.


لمشاهدة الموضوع الأصلي إضغط هنا

Viewing all articles
Browse latest Browse all 6351

Trending Articles